قال الأديب العالمى نجيب محفوظ عن رائد القصة القصيرة فى مصر والعالم العربى محمود البدوى بأنه " تشيكوف القصة المصرية " (القدس العربى عـدد السبت|الأحد 3|4 كانون الثـانى يناير 2004)
وبهذه المناسبة أحب أن ألقى بعض الضوء على كل من الأديبين الكبيرين "نجيب محفوظ ومحمود البدوى " من واقع كتــاب "سيرة محمـود البــدوى .. لكاتبيه على عبـد اللطيف و ليلى محمـود البـدوى " والصادر عن مكتبة مصر 2002 م ، فقد نشر بالصفحة رقم 126 من هذا الكتاب رسالة من الأديب العالمى مرسلة إلى محمود البدوى .. يقول فيها :
" اخى الأستاذ الكبير محمود البدوى
تلقيت خطابك اليوم ( 15|10 ) لدى ذهابى للأهرام فأسفت لضيقك بما نشر فى المصور . وقد وجه الىّ الأستاذ يوسف نفس السؤال فأعطيته اجابة الحق التى أرددها عند كل مناسبة ، فلا تتصور أبدا أن اختلافات فى وجهة النظر حتى لو صدقت بمستطيعة أن تؤثر فى حبى وتقديرى واعجابى بك ، أنت الإنسان الكبير الذى ينتج الجمال ويترفع عن الصغائر ويسمو بخلقه إلى سماوات رفيعة من الصفاء والصدق .
أسال الله أن يقويك ويباركك ويسمح بأن نتلاقى على أحسن ما نكون من الود والإخاء .
وتقبل منى دعائى وتحياتى
المخلص " نجيب محفوظ "
15|10|1981
وفى يوم الإثنين الموافق 14 |10 |2002 " نشرت صحيفة الأسبوع
المصرية مقالا للأديب الكبير يوسف القعيد ورد تحت عنوان " يحدث فى مصر الآن .. محمود البدوى .. " يقول فيه .
" أصدرت ليلى محمود البدوى وزوجها على عبد اللطيف كتابا عن سيرة محمود البدوى قدم له الدكتور عبد الحميد ابراهيم ونشرته دار مصر للطباعة .يجعلنى أحسده على هذا الوفاء النادر الذى يلقاه من ابنته وزوجها ، حيث يحاولان تذكير الناس به بعد سنوات من رحيله .
فى الكتاب رسالة من نجيب محفوظ إلى محمود البدوى ردا على رسالة من البدوى اليه . يفهم منها أنها تدور حول أمر يخصنى . فنجيب يطلب من البدوى ألا يغضب من رأى قاله لى ونشرته فى أكتوبر 1981 . سألت نجيب محفوظ عن الواقعة فقال لى إنه لا يتذكر ، قال لى نجيب محفوظ عن محمود البدوى ، إنه كان صعيديا شهما وإنسانا طيبا . حدث ذات مرة أن وصف نجيب محفوظ عبـد الحليم عبـد الله بأنه يكتب مثل المنـفلوطى ، غضب عبد الحليم عبد الله واعتبرها إهانة . فما كان من البدوى إلا أن أقام وليمة كبرى فى بيته حتى يتم الصلح بين نجيب محفوظ وعبد الحليم عبد الله وباقى أعضاء لجنة القصة فى المجلس الاعلى لرعاية الفنون والآداب . وقف نجيب محفوظ وقال إنه لم يأت من أجل الصلح لسبب بسيط أنه لم يغضب ولم يحدث شىء بينه وبين عبد الحليم عبد الله . يتذكر أن الوليمة كانت عبارة عن خروف بمستلزماته . يقول نجيب محفوظ إن البدوى كان فنانا أصيلا لكنه كان بدون حزب أدبى يدعو له ويروج .
كان إنسانا مستقيما من العمل إلى البيت وبعد المعاش من البيـت للمقهى ، ولذلك تعرض لظلم نقدى فى حياته وبعد رحيله . يتذكر أن هذا الظلم حدث له حتى عندما كان مرشحا لجائزة الدولة حيث اعترض البعض على حصوله عليها بسبب أنه ـ أى البدوى ـ لم يسافر إلى الخارج كثيرا . هذا على الرغم من أن البدوى من أكثر كتاب القصة الذين سافروا إلى الخارج وله الكثير من القصص التى تدور أحداثها فى اليابان وآسيا وأوربا فضلا عن أن البدوى من أكثر الكتاب الذين كتبوا عن صعيد مصر اصالة وصدقا وفنية . فضلا عن أنه من أكثر الكتاب الذين أخلصوا لفن القصة القصيرة حيث لم يكتب سواها طول حياته .
انتهت حكاية نجيب محفوظ مع البدوى لكن تبقى لى قصة فرعية معه .
فى هذا الكتاب رسالة منى إلى محمود البدوى لها قصة .( الكلام لايزال للأديب يوسف القعيد ) كنا قد تواعدنا على اللقاء فى مقهى بشارع عماد الدين لإجراء حديث صحفى ، ذهبت فلم أجده فتركت له مع الجارسون ورقة أذكره بموعدنا وانصرفت . فوجئت به يتصل بى معتذرا عن عدم الحضور وحدد لى موعدا آخر . الغريب أنه احتفظ بالورقة المكتوبة بخط يدى منذ 21 عاما ونشرت فى هذا الكتاب الذى صدر عنه مؤخرا .
رحم الله محمود البدوى الذى ظلم حيا وظلمناه ميتا ".
إلى هنا وانتهى المقال .
وأعتقد أن القارىء لما سردته من وقائع يستطيع أن يلم بالسلوك الطيب الذى كان يتعامل به الأدباء الكبار فى هذا الوقت من الزمان
سوبر مان